4 في الزهد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفقرة الرابعة: في الزهد

 
قال الغزالي: بيان علامات الزهد

أعلم أنه قد يظن أن تارك المال زاهد، وليس كذلك؛ فإنّ ترك المال وإظهار الخشونة سهل على من أحب المدح بالزهد، فكم من الرهابين

من ردوا أنفسهم كل يوم إلى قدر يسير من الطعام ولازموا ديرًا لا باب له، وإنما مسرة أحدهم معرفة الناس حاله ونظرهم إليه ومدحهم

له، فذلك لا يدل على الزهد دلالة قاطعة، فإذن معرفة الزهد أمر مشكل، بل حال الزهد على الزاهد مشكل.

وينبغي أن يعول في باطنه على ثلاث علامات:
العلامة الأولى: أن لا يفرح بموجود ولا يحزن على مفقود، كما قال تعالى:" لِكَيْلَا تَأسُوا عَلَى مَا فَتَكُم وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُم" (الحديد 23)
العلامة الثانية: أن يستوي عنده ذامّه ومادحه، فالأوّل علامة الزهد في المال، والثاني علامة الزهد في الجاه.
العلامة الثالثة: أن يكون أنسه بالله تعالى والغالب على قلبه حلاوة الطاعة إذ لا يخلو القلب عن حلاوة المحبة إما محبة الدنيا وإما محبة

الله, وهما في القلب كالماء والهواء في القدح، فالماء إذا دخل خرج الهواء ولا يجتمعان، وكل من أنس بالله اشتغل به ولم يشتغل بغيره،

ولذلك قيل لبعضهم: إلى ماذا أفضى بهم الزهد؟ فقال: إلى الأنس بالله؛ وأما الأنس بالدنيا وبالله فلا يجتمعان.
وقد قال أهل المعرفة: إذا تعلق الإيمان بظاهر القلب احب الدنيا والآخرة جميعًا وعمل لهما

وإذا بطن الإيمان في سويداء القلب وباشره أبغض الدنيا.


وقال أبو سليمان: من شُغل بنفسه شُغل عن الناس – وهذا مقام العاملين . ومن شغل بربه شغل عن نسفه – وهذا مقام العارفين.

 والزاهد لا بد وأن يكون في أحد هذين المقامين ومقامه الأوّل أن يشتغل نفسه بنفسه، وعند ذلك يستوي المدح والذم والوجود والعدم،

 ولا يستدل بإمساكه قليلًا من المال على فقد زهده ألًا.
فإذن علامة الزهد استواء الفقر والغنى والذل والعز والمدح والذم، وذلك لغلبة الأنس بالله. ويتفرع عن هذه العلامات

علامات أخرى لا محالة.
وقال يحيى بن معاذ: علامة الزهد السخاء بالموجود.
وقال ابن خفيف: علامته وجود الراحة في الخروج من الملك. وقال أيضًا: الزهد هو عزوف النفس عن الدينا بلا تكلف.
وقال أحمد بن حنبل وسفيان رحمهما الله: علامة الزهد قصر الأمل. وقال السري: لا يطيب عيش الزاهد إذا اشتغل عن نفسه.

ولا يطيب عيش العارف إذا اشتغل بنفسه.

وقال السري: مارست كل شيء من أمر الزهد فنلت منه ما أريد إلا الزهد في الناس فإني لم أبلغه ولم أطقه.

وقال الفضيل رحمه الله: جعل الله الشر كله في بيت وجعل مفتاحه حب الدنيا، وجعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدينا.

فهذا ما أردناه أن نذكره من حقيقة الزهد وأحكامه وإذ كان الزهد لا يتم إلا بالتوكل فلنشرع في بيانه إن شاء الله تعالى.


المصدر: سعيد حوى,المستخلص في تزكية الأنفس, دار السلام , ص275 – 276.












4 بصمات ذهبية..~:

نورالدين هاشمى يقول...

جزاك الله خيرا على هذه المدونة الرائعة
وقد طالعنى كل الخير عندما رايت صورة الشيخ رائد صلاح

دعاء غنايم يقول...

السلام عليكم
بارك الله بك اخي الكريم

أسماء أحمد يقول...

شو يا بطه عرفتيني ولا اعرفك على نفسي ..........حلو تسلمي على المعلومات القيمه

دعاء غنايم يقول...

السلام عليكم
حياك الله يا اسماء
أنتِ غنية عن التعريف يا وردتي
أهلا بك في مدونتي المتواضعة
أنرتها بنورك

أضف تعليق

همساتكم تفرحني

تصميم وتطوير - مدونة الاحرار - 2011.